ان البحث عن هدف للحياة قد حيّر الناس على مدى آلاف السنين، وذلك لأننا نبدأ عادة من نقطة البداية الخاطئة – وهي أنفسنا.
اننا نطرح اسئلة متمركزة حول الذات مثل: ماذا اريد ان اكون؟ ماذا يجب عليَّ ان افعل في حياتي؟ ما هي اهدافي وطموحاتي واحلامي للمستقبل؟ لكن التركيز على أنفسنا لن يكشف ابدا الهدف من حياتنا.
وعلى عكس ما تطالعه في الكثير من الكتب والافلام والندوات، فإنك لن تكتشف معنى حياتك عن طريق النظر الى داخل نفسك. إنك لم تخلق نفسك، لذلك فليس هناك طريقة يمكنك ان تكشف من خلالها لأي غرض خُلقت!
فإن اعطيتك اختراعا لم يسبق لك ان رأيته، فلن تعرف الغرض منه، كما لن يستطيع الاختراع نفسه ان يخبرك بذلك، وانما الذي يستطيع ذلك هو المخترع او دليل الاستعمال.
في احدى المرات فقدت طريقي في الجبال، وعندما توقفت لأسأل عن الاتجاهات، قيل لي: لا يمكنك الوصول الى هناك من هذه الناحية، عليك أن تبدأ من الناحية الأخرى للجبل. بنفس الطريقة، لن يمكنك الوصول الى هدف حياتك عن طريق البدء بالتركيز على نفسك، وإنما يجب عليك أن تبدأ مع الله خالقك.
كل شيء يبدأ من الله تعالى
ان الهدف من حياتك أعظم بكثير من مجرد انجازك الشخصي أو حتى سعادتك. بل انه أعظم من عائلتك، وعملك، وأحلامك وطموحاتك. ان أردت أن تعرف لماذا وضعت على هذا الكوكب، عليك أن تبدأ مع الله تعالى.
إنك موجود فقط لأن الله أراد ذلك. لقد خلقت من الله ولأجل الله، ولن يصبح للحياة معنى اطلاقا ما لم تدرك ذلك. إننا تكتشف أصلنا، وهويتنا، ومعنى حياتنا وقصدها ومغزاها ومصيرها، فقط من خلال الله تعالى. أما سائر السبل الأخرى فإنها تؤدي الى طريق مسدود.
كيف إذا تكتشف الهدف الذي خلقت لأجله؟
ليس امامك سوى اختيارين. اختيارك الاول هو التخمين، وهذا هو ما يختاره اغلبية الناس. انهم يحزرون ويخمنون. فعندما يقول الناس: لقد تخيلت دائما ان الحياة هي… فإنهم يعنون ان ذلك أفضل تخمين توصلت اليه.
لقد ناقش فلاسفة لامعون معنى الحياة على مدى آلاف السنين وتأملوا فيه. فالفلسفة مجال هام وله استخداماته، لكن عندما يتعلق الموضوع بتحديد هدف الحياة فإن ما يقوم به أحكم الفلاسفة لا يتعدى التخمين.
لحسن الحظ هناك بديل لتخمين معنى وهدف الحياة، وهو الوحي. يمكنك ان تلتفت الى ما أعلنه الله تعالى عن الحياة في كتابه. إن أسهل الطرق لاكتشاف الهدف من اختراع ما هو سؤال صاحب الاختراع. يصح ذلك ايضا على اكتشاف الهدف من حياتك: اسأل الله.
لم يتركنا الله تعالى في الظلام لنتساءل ونخمن، لكنه أعلن بوضوح المقصد من وجودنا من خلال كتابه الكريم. انه دليل استخدامنا الذي يشرح لماذا نحيا، وكيف تكون الحياة مجدية، وما الذي يجب ان نتجنبه، وما الذي نتوقعه في المستقبل. كما انه يفسر ما لم تتمكن كتب الفلسفة او المساعدة الذاتية ان تعرفه.
ان الله ليس فقط نقطة البداية لحياتك، انما هو أصلها. عليك ان تلتفت الى كلام الله، وليس الى حكمة العالم حتى تكتشف القصد من حياتك. يجب ان تبني حياتك على الحقائق الابدية وليس على علم النفس الشائع، او التشجيع على النجاح، او القصص الالهامية.
انه بإمكانك ان تختار مجال عملك، وشريك حياتك، وهوايتك، واجزاء اخرى كثيرة من حياتك، لكنك لا تقدر ان تختار قصدك. ان الهدف من حياتك ينسجم مع هدف كوني اوسع قد صممه الله تعالى.
ربما تكون قد شعرت بأنك تسير في الظلام فيما يتعلق بالهدف من حياتك. أهنئك اذن لأنك على وشك ان تتجه نحو النور.
لماذا أنا موجود؟ وما السر والحكمة في ذلك؟
وجوابُ هذا السؤال يمثل الحافزَ الحقيقي للفرد، الحافز الذي سيدفعه لوضعِ أهدافه، وبناءِ ذاته وفقها، وتحديد طريقه في الحياة، ثم يضعُ بعد ذلك الخطط اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ثم ينفذ هذه الخططَ بحزم وجدٍّ ومثابرة.
ومن الواجب أن يعرفَ الجميعُ جوابَ هذا السؤال المهم.
والجواب هو: أنا موجودٌ من أجل وظيفتين:
أولهما: أن أعبدَ الله -جل جلاله-. يقول الله -عز وجل-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
والأخرى: أني خليفةٌ في الأرض. يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة: 30].
وقد وضَعني إلهي وربي الذي خلَقني وكرَّمني وفضَّلني بوظيفة الخليفة في الأرض، وأنا أتعبَّده – جل جلاله – بهذه الوظيفة، ويقعُ على عاتقي ما يقع على الخليفة من مهام، وإن الخلافة هي جزءٌ من منظومة العبادة التي خلَقني الله -جل جلاله- من أجلها.
وأي غاية أسمى وأعظم من الوصول لرضا الله – جل جلاله – وتحقيق ما يأمُرُ به، وتنفيذ ما أنزله مِن أجلنا؟ فهذه أسمى الغايات، وأرفعُ المطالب؛ فالفرد حين تكونُ هذه غايته ستوجِّه كلَّ أفعاله بوصلةٌ واحدة لا غير، هي أوامرُ ونواهي الله – جل جلاله.
ان أردت أن تعرف لماذا وضعت على هذا الكوكب، عليك أن تبدأ مع الله تعالى. لقد خلقت من الله ولأجل الله
حكيمة منصور
الله سبحانه و تعالى لم يجعلنا خلفاء في الارض فحسب بل اكرمنا في خلقتنا و سخر لنا اسباب العيش و البيئة و جعل لنا كنزا ثمينا و هو العقل فمن عثر على هذا الكنز في عقله استطاع النجاح و الفلاح في الدنيا و الآخرة و من لم يعثر عليه فقد خسر كل شيئ تماما كالمجنون فهو بلا عقل مشوش لا يعرف الى اي وجهة هو ذاهب و ماذا يريد و الحقيقة أن معظم البشر للاسف فقدوا جزءا كبيرا من عقولهم و كلها و صارو يعيشون في الدنيا بلا هدف بلا ضمير بلا كرامة للاسف صار البشر عدوا لنفسه عدوا لبيئته عدوا للبشرية جمعاء و ما علي الا القول رحمتك يا الله.
علي مازري
تحية طيبة أختي الكريمة حكيمة..
شكرا لك على قراءة المقالة وتعليقك الجميل عليها. وجهة نظرك مليئة بالمعلومات القيمة وهي بالتأكيد إضافة مفيدة لمحتوى المقالة سيستفيد منها بقية القراء.
حكيمة منصور
اتمنى ان اغير الكثير من الاشياء اعظم نجاح بالنسبة لي هو ان ارى العالم من حولي يمضي قدما يحمل بين يديه دستورا ثمينا يستمد منه علما و و فكرا يستمد منه ادبا و و حكمة يستمد منه قيما و عقيدة يستمد منه عنوانا لحياته و يمضي قدما لتحقيق رغباته الدنيوية و الدينية انه دستور الله سبحانه و تعالى إنه القرآن الكريم المحفوظ بجلالة الرحمن من كل تحريف و تدنيس فلنجعله عنوانا لحياتنا فالنستمد منه طاقاتنا و اسلوبنا في الحياة هو هو الكنز الثمين في هذه الدنيا فليكن اعظم كنز نملكه فنملك بذلك كنوز الدنيا و الآخرة.